الصفحة الرئيسية  متفرّقات

متفرّقات صياغة الدساتير في تونس ومصر وليبيا: بين أزيز السلاح وضغط المجتمع الـمدني ورقابة المؤسسة العسكرية

نشر في  28 ماي 2014  (12:33)

كيف صيغت الدساتير في مصر وفي تونس؟ وماهو الشأن بالنسبة لليبيا؟ لأيّة ضغوطات خضع واضعو الدستور: هل للمؤسسة العسكرية أم للمجتمع المدني أم للسلاح؟ أم للإعلام أم للسطلة القضائية..
حول هذا الموضوع الهام والحاسم في التاريخ المعاصر نظم المرصد التونسي للانتقال الديمقراطي بالتعاون مع مبادرة الإصلاح العربي مائدة مستديرة حول التجربة الدستورية في تونس ومصر بحضور عدد من الضيوف من تونس ومصر وليبيا وسوريا ولبنان.


الدستور المصري: تجاذبات التيارات الإسلامية والليبيرالية وضغط المؤسسة العسكرية

اعتبر استاذ النظم السياسية المقارنة بجامعة القاهرة أحمد عبد ربه أنّ التجربة الدستورية في مصر لم تكن مستقرة، ففي ظرف 3 سنوات تمت صياغة 3 دساتير وإجراء 3 استفتاءات و5 إعلانات دستورية.
وذكر عبد ربه أنّ عملية صياغة الدستور لم تفرز توافقا حول الشرعية السياسية بل ما حدث هو انقسام شديد حول شرعية النظام.
واعتبر المتحدث أنّ عملية صياغة الدستور في مصر خضعت لعدّة ضغوطات ومنها التجاذب بين التيار الإسلامي والتيار الليبيرالي المدني، فبينما قيل أن أساتذة القانون الدستوري في اللجنة التي كلفت بتعديل دستور 1971 محسوبين على التيار الإسلامي، اعتبر التيار الليبيرالي في مارس 2012 أنّ اللجنة التي كلفت بوضع الدستور الدائم غلب عليها التمثيل الإسلامي... ثم انسحب ممثل الأزهر والأقباط وممثل الكتلة الليبيرالية ووقع حلّ اللجنة في أفريل 2012...
وإلى جانب التجاذبات بين التيارين الليبيرالي والإسلامي، أشار عبد ربه الى تأثير المواجهات التي عرفها الشارع بين أنصار الرئيس مرسي ومعارضيه وخصّ بالذكر أحداث الاتحادية الدامية...
كما تحدث عبد ربه عن الدّور الذي لعبه المجلس الأعلى للقوات المسلحة أي المؤسسة العسكرية وتأثيرها على المواد التي تمّ عرضها على الاستفتاء فضلا عن دور السلطة القضائية التي لعبت هي كذلك دورا في إسقاط الدستور وفي وضع إعلانات دستورية جديدة.

الأستاذة عزة كامل عبد المقصود (ليبيا): كيف لنا أن نخرج بدستور جديد والسلاح فوق رؤوسنا؟

صرحت عزة كامل المقهور المحامية الليبية وعضو المجلس الوطني للحريّات العامة وحقوق الانسان بليبيا أنّ المسار الديمقراطي في ليبيا لا يمكن أن يتقدّم مع تواجد ميليشيات مسلحة... فالميليشيات مسارها هو الخطف والسلاح والقتل والهدم لا البناء. وقالت الأستاذة عزة كامل المقهور  إنّه لايمكن للديمقراطية أن تستقر إذا ما كان هناك مسار ميليشاوي مسلّح.. وأضافت الأستاذة أنّ هناك مواضيع عديدة لا يمكن مناقشتها فالعبرة ـ حسب كلامها ـ ليس أن نخرج بدستور جديد والسلاح فوق رأسنا.. وقالت إنّ الوضع محرج جدّا وهذا ما يضعف قدرة الدولة على فرض سيادتها..
وأشارت الدكتورة عزة كامل إلى أنّ قانون العزل أعاق المسار الديمقراطي إذ هناك مجموعات ومسلحون سعوا للتأثير على المحكمة حتى لا تبدي أحكامها بصدق وصراحة..
وتحدثت الأستاذة عزة كامل عن تأثير بعض المؤسسات الإسلامية فدار الافتاء مثلا لا تقبل بأن تكون الشريعة مصدر أساسي للتشريع بل تريد أن تكون الشريعة المصدر الوحيد للتشريع وهناك تيارات لا تقبل بالاستفتاء على الفصل المتعلق بالشريعة إذ تقول «كيف نستفتي نصا يتعلّق بالشريعة».. وتساءلت عزة كامل عن حقوق الأقليات وعن حقوق المرأة التي تدافع عنها قلة قليلة وقالت إنّ هناك حظوظا ضئيلة لكي تحظى المرأة بفصل يضمن حقوقها في الدستور.

فاضل موسى: اغتيال النائب محمد البراهمي شكّل منعرجا حاسما في صياغة دستور تونس

ومن تونس، تحدث النائب فاضل موسى عن المسار التأسيسي مشيرا إلى أهمية النظام الداخلي الذي سهّل الصياغة على المستوى الشكلي.. ونوّه فاضل موسى بالتقسيم الذي اعتمده المجلس التأسيسي بعد أن كلّف 6 لجان بالاهتمام كل واحدة بباب من أبواب الدستور...
وفي نفس الوقت عبّر فاضل موسى عن استيائه من صياغة الدستور بمنطق الأغلبية والأقليّة معتبرا أنّه كان من المفروض العمل بالتوافق وقال فاضل موسى إنّه لم يتم تشريك المجتمع المدني بالصفة الكافية في المرحلة الأولى من صياغة الدستور إلى أن حلت كارثة اغتيال النائب محمد البراهمي وعندها انطلق التغيير الفعلي للدستور أي بعد انسحاب 60 نائبا من المعارضة وتعليق أعمال المجلس التأسيسي واعتصام الرحيل وضغط المجتمع المدني.. وشهدت الفترة الفاصلة بين 6 أوت و7 سبتمبر 2013، 5 مظاهرات حاشدة شارك فيها قرابة مليون ونصف تونسي.. وتمّ آنذاك تحريك فكرة الحوار الوطني وإفراز خريطة طريق وتعديل الدستور.
وقال فاضل موسى إنّ المجلس التأسيسي استأنف بعد ذلك عملية الصياغة وفق مبدأ البحث عن التوافق وتشريك الجمعيات على غرار نقابة القضاة وغيرها... ووصف فاضل موسى المرحلة الثانية من صياغة الدستور بالعملية التوافقية منقطعة النظير معبرا عن قناعته بأنّه لايمكن لهذه البلاد أن تحكم بالقوة...
وختم فاضل موسى مداخلته مذكّرا بأنّ 200 نائبا من 216 صوت وافقوا على مجمل الفصول وقال إنّ دستور تونس الجديد  هو دستور شكري بلعيد ومحمد البراهمي لأنّ حادثتي إغتيالهما شكلت منعرجا أدى إلى نقلة نوعية وبالتالي إلى دستور توافقي.
إثر ذلك فتح الباب للنقاش الذي تعددت فيه الأراء حيث اعتبر الخبير القانوني رضا جنيح أنّ الدستور قاعدة غير كافية لإرساء نظام ديمقراطي رغم أنّ الحلم بتحقيق دولة القانون والديمقراطية هو حلم حملته كافة الأجيال منذ الاستقلال. وقال الاستاذ رضا جنيح إنّ العوامل التي حالت دون تحقيق الدولة الديمقراطية هي بالاساس عاملين اثنين:
ـ العامل الأول: فكرة الحرية المدنية التي لم تكن حاضرة بالشكل الكافي في البلدان العربية وكل الحكومات التي تعاقبت فيها.
ـ مبدأ المساواة كان مغيبا تماما في بلداننا العربية التي تكرس فكرة التمييز على أساس الجنس والثروة، وهو ما يتطلب ثورة فكرية...
وختم رضا جنح كلامه قائلا إنّه اذا ما توصلنا الى استيعاب مفهومي الحرية المدنية والمساواة أمام القانون، فيمكن أن نصبو لإرساء نظام ديمقراطي.
ومن جهته لاحظ عز الدين المهذبي أنّ صياغة الدساتير كانت مقتصرة على فئة معينة من الأفراد والآن تغيرت المعادلة وأضحى هناك مشاركون جدد على غرار المجتمع المدني وكذلك الإعلام الذي لعب دورا هاما خلال المرحلة التأسيسية... وفي سياق آخر تساءل المهذبي: هل طول عمر الدستور معيار من معايير نجاحه وهل يحقّ لجيل من الأجيال أن يحدد كيفية تسيير الدولة بعد 50 سنة؟
ومن جهته لاحظ محمد العجاتي المدير التنفيذي لمنتدى البدائل أن خطورة صياغة الدساتير تكمن في لحظات الاستقطاب السياسي وأشار أنّ بلدا مثل بولندا بدأ يكتب دستوره بعد 8 سنوات، بينما يكتب البرازيل دستورا متحركا.. أمّا في لبنان فإنّ الدستور موضوع على جانب بينما تحكم البلاد التوافقات السياسية وحدها.

شيراز بن مراد